بتاريخ 4/4/2011
غريب هو الإنسان هذه الأيام ... للتوضيح لا للتندر لنتكلم عنه هو, فبعد يوم عصيب من العمل الشاق والمرهق يعود إلى بيته وكأى فرد عادي يهرع لجني المحصول قبل أن يفسد ... هى, وحتى بعد أن انذرها المدير مرات لا تكاد تمل من التحقق كل ثانية, هل اعطهاها احدهم شحنة طاقة لتساعدها فى التنقيب عن الكنز ام ستنتظر ثلاث دقائق اخرى !!؟
الكنز الوهمى والمزرعة الوهمية التى تحتوى على بقر وفراخ وهمين وحياة وهمية مليئة بالاشتغالات اللى ملهاش اى هدف غير انها تثبتك قدام "الفيس بوك" ... هذا الكائن الأزرق الحبوب الذى يساعدك على التواصل والتشارك مع الناس اللى فى حياتك كما يدعى ... هذا الكائن الذى مع الوقت اصبح هو الناس اللى في حياتك, فقد ابتلعهم فى صفحاته و اختصرهم ل "بروفيل بيكتشر" "وستاتس" واى كلام فاضى ف "ابوت مى" و "الانترستس" ... هذا الكائن الذى جعل "كى بوردك" تتحدث بطلاقة أكثر من ما يتحدث بها لسانك, كيف اصبحنا نشعر بألفة على "الهوم" أكثر مما نشعر بها ف "الهوم" الحقيقى ؟! ... كم من المرات كنت ثقيل الأجفان هتموت وتنام لكن استوقفتك بصة سريعة علية ... بصة سريعة قد تطول لصباح اليوم التالى .. فبين صورة هنا و"كومنت" هنا وربما "فيديو" هناك يطير الوقت ... كم من المرات تركت المذاكرة او الشغل لتلقى نظرة ... يمكن تكون البت كتبت "ستاتس" جديدة ولاحاجة !؟ ... وإن كتبت, فهل هى لى ؟! ... ولا مقطع الأغنية عجبها وخلاص !! ... ملاين الملاين من البشر مختصرون فى صفحات ... وتلك الصفحات تنتج ملاين الملاين من "البوستس" ... بعضها أى كلام في أى كلام وبعضها أخبار وترفية وعلم ودين وسياسة وكل اللى قلبك يحبة ... الأمر الذى فى النهاية جعلة عالم بأكملة ... عالم شهدنا قوتة الحقيقية فى ثورة الخامس والعشرين وشاهدنا سقوطه فى الإستفتاء على التعديلات الدستورية ... ففي السابقة كان شرارة الثورة وتخيل الجميع إنه سيد الاحداث أما فى اللاحقة بدى لكثرين أن جملة الحزب الوطني "دول شوية عيال عالفيس بوك" ليست بأكملها خاطئة ... ولا تنفعل عزيزى ومتتحرقش قوى كدة وتعد تقولى لأ كان فى ناس على الفيس بوك بيقولوا "نعم" عشان هرجع اقولك شوف دول كانوا كام ودول كام !! .... المهم فى النهاية تأثير الفيس بوك ومن علية ك "توتال" غير معلوم وغير مفهوم حتى الآن ... المؤكد فقط هو مدى تأثيرة على الافراد.
فمثلاً كان لإنتشار أخبار السلفيين على الفيس بوك أثر بالغ القوة على نفوس الكثيريين من اصدقائى خاصة البنات منهم ... فتلاقى واحدة كل شوية تكتب ستاتس تعبر عن إنها مصرية اصيله ولا يمكن تدفع الجزية ولو على جثتها ... وبعد كدة "شير" لملاين الاخبار والفديوهات المضروبة منها والحقيقية عن السلفين ... الأمر الذى يُصدر الهلع لكثيرين ايضاً .. وليس الهلع فقط بل والتشاؤم "البلد دى مبقتش تنفع خلاص" وبعض الآراء المبنية على "فيديو" واحد أو مقال واحد ... وفى النهاية كما رأينا مر اليوم المخصص لخطف البنات المسيحيات من قبل السلفيين دون خطف بنت واحدة لأنة كان خبر متفبرك طبعاً لكنه جعل كثيرات اعرفهم يلزمن البيوت. والحق يقال فأنا وأنت أكيد عملنا "شير" لخبر او اثنين مضروبين أو محرضين على الاقل فى حياتنا كأشخاص إليكترونين مدفوعين بذلك الشعور الملح بأثبات النفس المجسد فى (اثبات الرأى) ... جميعنا فى سعى دائم لتأكيد ارائه كل الوقت, قليلون هم من يبحثون فى الرأى و الرأى الاخر لذا قليلون من يرون الصورة كاملة .. "الشير" زر صغير يمكنه نشر افكار كثيرة صحيحة كانت ام خاطئة ... ونحن الآن فى فترة يؤثر فيها الواقع والواقع الاليكترونى كلاً منهم جنباً إلى جنب بمقادير غير معلومة كما وضحت, ونقبل على فترة جميعنا يعلم انها لن تكون بالسهلة او السريعة فهناك قضية الدستور وقضية الاقباط والمسلمون وقضية العمال والفلاحين ونسبتهم فى المجالس النيابية وقد اتحدث عن هذا الموضوع لاحقاً ثم الانتخابات نفسها ... وخلال كل هذا سيحدث بالتأكيد الكثير والكثير من التشوية والتشهير بالكثير من الاشخاص والفئات وربما الافكار ... ففى عصر الحرية لا رقيب عليك إلا نفسك فلا تكن سبباً فى نشر فتنة بين صحابك خصوصاً لو كانوا ما بيصدقوا يقفشوا فى اى خبر على مزاجهم ...
ودعنى اذكرك بشئ لطيف ... أمن الدولة .... مش كان عندهم "اكونتس" على الفيس بوك ... وكانوا بيعملوا حملات على اشخاص زى البردعى وخلافة !! ..... خلينى اقولك انهم طلعوا غلابة بدليل انهم معرفوش يتوقعوا الثورة .... بس تخيل بقى الناس اللى برة ممكن تكون بتعمل اية !!؟ .... يعنى إذا كان أمن الدولة بتاع مصر كان بيلعب كدة ... قمال الناس اللى برة بتعمل فينا اية !؟! ..مش بقولك كدة عشان اوصلك إن الثورة كان اللى محركها من برة زى ما كانوا بيقولوا بس بقولك إن مفيش شئ بعيد ع الفيس بوك ونحرس ولانخونش زى ما بيقولوا .. إن كانوا يقولون "لا تصدق كل ما تسمع ونصف ما ترى" فبالتأكيد لا تصدق شيئاً قرأتة بدون دليل من مصدر موثوقاً فية وكفانا مواسم الفتيّ على "الهوم" المتواصلة موسماً بعد موسم .
اعتقد أن هذا الوقت هو وقت التعلم الحقيقي والمشاركة فى الحياة الحقيقية فى الشارع أولاً ثم فى الفيس بوك وليس العكس ... لأن فى كل الاحوال الشارع اصدق كثيراً من اى "بوست" او "تويت" والثورة وإن قامت من على الفيس بوك فإن الانتخابات والانتاج والحياة لن تكون إلا فى الحياة نفسها لغايت بقى ما يبقى بقر وفراخ "الفارم فيل" بيتكلوا بجد وإن لم ننقل حياتنا ومجهودنا من اللحاق بالاخبار ونشرها على الفيس بوك إلى النزول فى الشارع وصنع الأخبار بأنفسنا فلا نلوم احداً بعد ذلك على النتائج ... اعتقد انه قد حان الوقت للتحدث إلى من ليس لهم "اكونت" على الفيس بوك ولا التوتير .